قصص نجاح للمرصد /

شكوى المرصد اليمني لحقوق الإنسان أمام هيئة التفتيش تزرع بذور التغيير في ثقافة البنك الدولي

14/08/2022 00:32:08

نادية داعر – BIC

14 يناير20100

بدت القضية التي تفحصها هيئة التفتيش بالبنك الدولي بسيطة ولن تثير الكثير من الجدل، ولكنها أدت إلى مراجعة البنك لعلاقته مع المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وإلى وضع خطة عمل لمزيد من الشراكة مع المجتمع المدني. نادية داعر من مركز معلومات البنك توضح أهمية تلك التطورات.

في إبريل 2009 تقدمت منظمة يمنية "المرصد اليمني لحقوق الإنسان" بشكوى إلى هيئة التفتيش بالبنك الدولي مما أسفر عنها بعض النتائج الإيجابية والأخرى غير المتوقعة ... ترجمة جاءت متأخرة للغاية لوثيقة برنامج محورية كانت وراء الشكوى الأصلية، وخطة عمل طموحة قامت بإعدادها الإدارة المنوطة بشئون إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، تستهدف الخطة زيادة تنمية علاقات البنك مع المجتمع المدني في الإقليم، وخلال هذه الفترة فإن علينا الانتظار لبضعة أشهر قبل أن نستمع إلى التوصية النهائية لهيئة التفتيش سواء بالاستمرار أو بعدم الاستمرار في التحقيق في الأمر.

تلقت هيئة التفتيش في أبريل/نيسان من عام 2009 أول قضية تعرض عليها من إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وذلك حين تقدم المرصد اليمني لحقوق الإنسان بشكوى بدت في ظاهرها بسيطة، حيث ذكر المرصد في شكواه بأن مكتب البنك في صنعاء قد كرر رفضه ترجمة وثيقة برنامج محورية إلى اللغة العربية: " منحة سياسة التنمية للإصلاح المؤسسي لليمن"، والتي أقرها مجلس إدارة البنك مع الحكومة اليمنية في ديسمبر/كانون الأول من عام 2007، وقد شرح المرصد النتائج المحتملة لمثل هذا الرفض بما فيها حقيقة أن البنك لم يتسم بالشفافية في هذا الأمر وقام بخرق مبدأ الشراكة وأنه لم تتح للمجتمع المدني المعلومات الضرورية ووقت كاف لتقديم توصيات إلى البنك والحكومة عن كيفية تحسين تصميم البرنامج. وفيما يتعلق بهذه النقطة الأخيرة فقد قام المرصد بالتساؤل عن الاستراتيجية الاقتصادية لوثيقة منحة سياسة التنمية للإصلاح المؤسسي وجادل بأنه قد يكون لها نتائج سلبية قد تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة في اليمن، وقد قام تقرير أهلية هيئة التفتيش بتقسيم الشكوى إلى ثلاثة شواغل تدعو للقلق وهي كالتالي: الترجمة والشفافية، الشراكة والمشاركة، وآثار الإصلاح الذي تدعمه منحة سياسة التنمية للإصلاح المؤسسي.

وقد جاءت الشكوى في الوقت المناسب حيث شهد شهر أبريل/نيسان 2009 قمة عمليات مراجعة البنك لسياساته الخاصة بالإفصاح عن المعلومات. ونتيجة لهذه الشكوى فقد تم وضع قضية الترجمة على جدول أعمال مراجعة السياسات وتكرر ذكرها كقضية محورية تستحق تناولها في سياسة الإفصاح الجديدة، وفي حين أن المسودة النهائية للسياسة المذكورة لا تحتوي على أي صياغة جديدة أو ملزمة فيما يتعلق بعنصر الترجمة إلا أنها تقر بترجيح وجود طلب متزايد على ترجمة الوثائق وبالتالي تلتزم بتقييم ما إذا كانت هناك الحاجة إلى عمل تغيرات على ما لدى البنك حاليا من إطار عمل خاص بالترجمة (الذي هو غير ملزم في أكثره) حتى يمكنه تحقيق أهداف سياسة الإفصاح الجديدة. ومن المتوقع أن يتم هذا التقييم خلال النصف الأول من عام 2010، ولا يعد هذا التزام بمراجعة إطار عمل الترجمة ولا هو التزام بسياسة ملزمة لترجمة الوثائق إلا أنه بدون شك خطوة في الاتجاه السليم.

ولم يتطرق المكون الثاني من الشكوى – والخاص بالشراكة والمشاركة -إلى أي من الضمانات التقليدية للبنك سواء الاجتماعية أو البيئية كما هو الحال بالنسبة لكثير من الحالات المعروضة أمام هيئة التفتيش بل عكس أمراً لا يسهل علاجه عن طريق سياسات أو ضمانات ألا وهو الثقافة المؤسسية للبنك.

ويبدو على السطح أن البنك قد خطا خطوات واسعة منذ تطبيق برامج التعديل الهيكلي وذلك خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وذلك عندما تم فرض سلسلة من البرامج الاقتصادية -التي اتسمت بعيوب خطيرة - على عدد كبير من دول العالم النامي وذلك من قبل رواد المؤسسات المالية الدولية، وبالرغم من أن البعض قد يجادل بأن هذه البرامج مازال يتم تمويلها ولكن تحت مسميات جديدة مثل قروض سياسات التنمية أو أوراق عمل استراتيجية الحد من الفقر فإن مما لاشك فيه أن البنك قد قام بالفعل ببذل جهود لإشراك حكومات الدول والقطاع الخاص وأيضا المجتمع المدني.

ولكن حين نستمر في البحث بتعمق في هذا الأمر نجد أنه بالرغم من وجود خطاب عن إشراك المجتمع المدني في البنك وبالرغم من أن بعض البرامج قد تصل إلى حد اشتراط مشاورات مع المجتمع المدني، إلا أنه لم يحدث بالفعل ما يكفي من التغيير حين يتعلق الأمر بالثقافة المؤسسية للبنك، وإذا رغبنا بالفعل التحدث بأسلوب عملي فإن ما يتخذه كثير من موظفي البنك البالغ عددهم  10.000من أشكال لإشراك المجتمعات المحلية هو لا يعد في واقع الأمر سوى مجرد تحقيق لمتطلبات البروتوكول، وهذا ينفي جميع الفوائد المحتملة لإشراك المجتمع المحلي.

تعد مشاركة المجتمع المحلي عنصرا ضروريا ليس فقط من أجل الشفافية أو الحقوق بل أيضا لأنها يمكن أن تؤدي إلى تحسين مخرجات التنمية، كما أنها تخلق منتدى لتضمين مدخلات الأطراف التي تتأثر بالمشروع والذين يعرفون احتياجاتهم أفضل من أي وكالة دولية كما يمكنهم بناء على ذلك المساعدة في تصميم المشروعات بأقصى حد من التأثير الإيجابي على مجتمعاتهم المحلية، إن عدم تقبل هذا المبرر أو فهمه يؤدي بالعاملين في البنك إلى الاحتفاظ بالمعلومات وحجبها عن الجمهور وحتى إن لم يعد ذلك بضرر على من قام بتوفير المعلومات، وعمل مشاورات غير متعمقة وتنفيذ العمل مع رفع شعار "نحن أفضل من يعلم بالأمور"، وبالطبع يلعب أيضا تخصيص الموارد دورا كبيرا في كل ذلك إلا أن عدم منح أهمية لإشراك المجتمع المدني هو الذي يؤدي في المقام الأول إلى مشاكل خاصة بالموارد! ومما لاشك فيه فهناك استثناءات إلا أن هذه تعد بصفة عامة الثقافة السائدة، إنها الثقافة التي منعت على المرصد اليمني لحقوق الإنسان الحصول على المعلومات باللغة العربية وهي نفس الثقافة التي سمحت لموظفي البنك بعمل مشاورات غير مناسبة ارتباطاً بمنحة سياسة التنمية للإصلاح المؤسسي.

 

...