تقارير /

قصة أم يمنية تكابد من اجل إبقاء أطفالها في المدارس

06/10/2016 09:43:42

تقرير: رجات مدهوك

يوجد في اليمن حالياً حوالي مليوني طفل غير ملتحقين بالمدارس، ويعود السبب في ذلك بصفة أساسية للنزاع الجاري في البلد. وفيما يلي عرض لمثابرة أم لإبقاء أبناءها ملتحقين بالمدارس.

لنتعرف على أم أسامة، وهي مناضلة يمنية، ولكن في سبيل قضية مختلفة. وليس بحوزتها أي سلاح سوى الأمل بمستقبل أفضل وأكثر أمناً لأطفالها، وهي أم لطفلين وعازمة على أن يواصل طفلاها تعليمهما على الرغم من القتال الجاري.

وتقول، "كان ولداي يدرسان في مدرسة خاصة، وكانت الأمور تجري على ما يرام إلى أن اندلع القتال، فقد تعيّن علينا أن نقتطع قدراً كبيراً من إنفاقنا، ولم يعد بوسعي إرسال ولديّ إلى مدرسة خاصة. لذا ها أنا هنا في مدرسة حكومية لتسجيلهما للاتحاق فيها، وهما في الصف الثاني والصف السابع على التوالي". وكانت هي نفسها قد درست حتى الصف السادس فقط.أم أسامة (وسط الصورة) تسجل ابنها في مدرسة الحسين الابتدائية. وكان طفلاها قد التحقا بمدارس خاصة سابقاً، لكنها ما عادت تستطيع تحمّل كلفة رسوم المدارس الخاصة.

وليست أم أسامة وحيدة في هذا النضال - فثمة مئات الآلاف من الأهالي القلقين على تعليم أبنائهم. وتقدّر اليونيسف أنه يوجد حالياً 350,000 طفل على الأقل غير قادرين على التوجه إلى المدارس في جميع أنحاء البلد، إما لأن المدارس تعرضت لأضرار بسبب القتال الدائر أو أن المقاتلين يحتلونها، أو لأن المرافق المدرسية تُستخدم كملاجئ لملايين اليمنيين الذين شُردوا عن بيوتهم. هذا إضافة إلى 1.6 مليون طفل كانوا أصلاً خارج المدارس أثناء العام الدراسي 2015-2016.

وحتى المدرسة التي توجهت أم أسامة لتسجيل أطفالها فيها تعرضت لأضرار بسبب النزاع. فقد تضررت جزئياً عندما سقطت ثلاث قنابل على أحد أبنية المدرسة في العام الماضي. ولحسن الحظ لم يكن الطلاب في المدرسة في وقت الانفجار. كما دمرت الغارات الجوية أجزاء من سقف مختبر العلوم، مما جعل بعض الصفوف المدرسية غير آمنة للأطفال والمعلمين. ولكن هذا لم يردع هذه الأم الشجاعة عن تسجيل أطفالها في المدرسة.

وقالت، "بالتأكيد أنا خائفة، بل خائفة جداً من أن يتعرض أطفالي لأذى بسبب النزاع، إلا أنني قلقة أكثر بشأن خسارتهم لسنوات حاسمة من تعليمهم".

عمليات صيانة كبيرة جارية

أحمد الطاشي هو مهندس إنشائي يعمل مع اليونيسف، وهو مسؤول عن إصلاح المدارس المتضررة في صنعاء والمحافظات المجاورة. ويقول "لقد ساعدَتْ اليونيسف لغاية الآن في إصلاح 174 مدرسة في جميع أنحاء المدينة كانت بحاجة إما لعمليات صيانة بسيطة، أو لعمليات صيانة كبيرة كما هي الحال في هذه المدرسة. ونحن نعمل مع مديريات التعليم من أجل إتمام عمليات الصيانة قبل موعد عودة الأطفال إلى المدارس".

ثم أشار إلى ثقب كبير في السقف ناجم عن غارة جوية، وقال "بالطبع الإصلاحات الكبيرة مثل هذا الذي تراه ستتطلب وقتاً طويلاً".

وأمام مدخل المدرسة، كان يوجد طابور من الأهالي الذين ينتظرون تسجيل أطفالهم في المدرسة للعام الدراسي الجديد، وكان الطابور يزداد طولاً على نحو بطيء ولكن مستمر. وكان مسؤول الاتصال من أجل التنمية في اليونيسف، عبد الخالق زينة، يقف مع المنتظرين ويتحدث إليهم، ويطمإنهم بقدر ما يستطيع.

وهو يعلم مدى قلقهم ويمكنه أن يتفهم هذا القلق، إذ أنه أب أيضاً، ويقول "كجزء من حملتنا لعودة الأطفال إلى المدارس، فإننا نريد أن يلتحق الأطفال بمدارسهم وألا يخسروا فترة من تعليمهم، وإلا فإنني أخشى أنه سينشأ جيل من الأطفال الذين خسروا فرصة الحصول على تعليم".

وعودة إلى مركز التسجيل، أتمت أم أسامة عملية تسجيل طفليها. وهي سعيدة أنهما سيواصلان تعليمهما، إلا أنها تشعر بقلق شديد على سلامتهما. وعند سؤالها ما إذا كان لديها رسالة تريد توجيهها إلى العالم، أجابت "أرجو أن تعملوا على نجاة أطفالنا وأن تفكروا بمستقبلهم. نحن بشر في المقام الأول، ومن واجبنا أن نوفر لأطفالنا بيئة آمنة وصحية كي يتمكنوا من إتمام تعليمهم والسعي لتحقيق أحلامهم".

وبفضل تمويل سخي من الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ)، والبنك الألماني للتنمية (KWF)، ومنظمة علّم طفلاً (EAC)، والحكومة اليابانية، والشراكة العالمية من أجل التعليم، تمكنت اليونيسف من دعم مديرية التعليم في إعادة تأهيل 728 مدرسة على الأقل في جميع أنحاء البلد.

وفي حالة المدارس المتضررة أو التي يجري استخدامها كملاجئ للعائلات المشردة، عملت اليونيسف على إقامة أماكن مؤقتة للتعليم من خلال تزويد سلطات التعليم بخيام. وتُستخدم هذه الخيام كصفوف مؤقتة، وهي تستقبل الأطفال في فترة صباحية وفترة بعد الظهر.

المصدر: اليونسيف

...