فعاليات وانشطة /

المرصد اليمني لحقوق الإنسان يطالب الحكومة بالتعامل مع توصيات تقريره السنوي، ويوصي باستراتجية وطنية لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة

طالب المحامي محمد علي المقطري المدير التنفيذي للمرصد اليمني لحقوق الإنسان الجهات الحكومية بالتعامل مع التوصيات التي تخرج بها التقارير الصادرة عن المرصد بشكل جاد ومسؤول دون النظر إليها بشك وارتياب.

وقال المقطري: "على الحكومة أن تدرك ضرورة مشاركة المجتمع المدني باعتباره أحد أهم روافد التنمية والعملية الديمقراطية كقوة ثالثة مع القطاعين العام والخاص".

وشدد على أن أوضاع حقوق الإنسان في اليمن التي تواجه صعوبات ومعوقات تقف حائلاً أمام تحقيق تحسن ملحوظ في كفالة هذه الحقوق، توجب ضرورة خلق شراكة جادة لتجاوز تلك الصعوبات والتحديات وضمان السلم المجتمعي.

وفي المؤتمر الصحفي لإطلاق التقرير السنوي الرابع عن حقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن الذي عقد صباح اليوم بصنعاء؛ أشار المدير التنفيذي للمرصد اليمني لحقوق الإنسان إلى أن هذا التقرير يجعل المرصد اليمني في مقدمة منظمات المجتمع المدني في إصدار تقرير متخصص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتأثر تلك الحقوق بالفقر ومفاهيمه ودلالاته وأبعاده المتعددة سواء الفقر لبشري أو فقر الدخل، وذلك بالتناول العلمي والمنهجي والمحايد.

من جهته أكد رئيس المرصد اليمني لحقوق الإنسان الدكتور محمد المخلافي أن حال اليمن أبعد ما يكون عن طموح أبنائه في التقدم والتطور الذي يحقق بناء الدولة الديمقراطية الحقيقية الحديثة التي تحترم مواطنيها وتحمي حقوقهم وكرامتهم وتؤدي وظائفها الإنسانية وفي مقدمتها الأمن والتنمية، وأن عجز الدولة عن تأدية هذه الوظائف يجعلها فاشلة.

واستعرض المخلافي التقرير السنوي الرابع عن حالة حقوق الإنسان والديمقراطية في اليمني الذي يصدره المرصد اليمني لحقوق الإنسان منذ أربع سنوات بصفة منتظمة بالتعاون الصندوق الوطني للديمقراطية (NED).

وعزا المخلافي في عرضه استحواذ نخبة صغيرة على الثروة وتراجع الدولة في التنمية وتسخيرها لصالح الأقلية الأسباب الرئيسة لاتساع رقعة الفقر في اليمن، بالإضافة إلى اعتماد سياسيات ترتب عليها الحرمان الاقتصادي والاجتماعي للغالبية من السكان، وهي السياسات التي تستهدف إعادة إنتاج الفقر من خلال تثبيت عوامله الهيكلية والبنيوية، الأمر الذي يشكل حالة من اللاعقلانية في سلوك الدولة اليمنية، وأوجد الأساس لاعتبارها دولة فاشلة.

وقال: "ترتب على السياسات المتحيزة ضد الفقراء الذين يمثلون حوالي نصف السكان حرمانهم من الحصول على الخدمات الصحية والسكن اللائق والنظيف والمستقر، واستمرار تدهور الوضعية الكمية والنوعية للمياه يؤثر بشكل مباشر على الوضع الصحي، فاليمن من أكثر البلدان فقرا على مستوى الإقليم والعالم".

كما أكد رئيس المرصد على أن اليمن لا تزال بعيدة عن تحقيق هدف التعليم للجميع بحلول عام 2015، وردم الهوة بين الذكور والإناث والحضر والريف، إذ تشهد نسب التحاق أطفال الفقرا بالتعليم الأساسي انخفاضاً في الريف والحضر، والحاق الفتيات بالتعليم هو الأقل، والأقل من بين دول الشرق الأوسط، وبالتالي يكون التعليم حامل تمييز ضد الفقراء والإناث.

كما خلص التقرير إلى أن اليمن يعاني من أزمة مائية تعوق برامجه الإنمائية وتؤثر سلباً على صحة سكانه، بالإضافة إلى عدم توافر شروط معالجة المشكلات البيئية بصورة جدية في المستقبل المنظور بسبب عدم الاستقرار المؤسسي والقانوني، وانتشار الفساد وضعف المساءلة والرقابة والشفافية، والمركزية وغياب المشاركة الأهلية في اتخاذ القرارات التنموية وتنفيذها، وضعف قدرة الدولة في اتخاذ القوانين.

وشهد عام 2008 زيادة في انتهاك الحقوق المدنية والسياسية، وخاصة الحق في الحياة والحق في الحرية والأمن الشخصي والحق في المحاكمة العادلة وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي بسبب حرب صعدة والاحتجاجات في المحافظات الجنوبية، وعجز الدولة عن إنفاذ القانون، والأعمال الإرهابية للتنظيمات الجهادية، وقمع التجمعات السلمية، بالإضافة إلى زيادة حالة الحرمان والفقر والبطالة.

وذكر رئيس المرصد أن الحياة الشخصية للناشطين الحقوقيين والسياسيين والإعلاميين صارت مشاعاً لأجهزة الامن التي تقوم بالرقابة والتلصص على حياتهم الشخصية وتحركاتهم وتنقلاتهم، ومكالماتهم الهاتفية ومراسلاتهم.

وأوصى التقرير باستراتجية وطنية بناء الدولة الديمقراطية الحديثة تقوم على الوفاق الوطني عبر إصلاح سياسي ديمقراطي وسياسي يفضي إلى مصالحة وطنية ويوفر شروط الانتقال الديمقراطي، وبناء دولة القانون، وتبني سياسات اقتصادية مناصرة للفقراء وتوجهات سياسية تحقق العدالة والمساواة وحرية المواطنين وحقوق الإنسان، وإجراء إصلاح دستوري ينظم علاقات المواطنين بالدولة وببعضهم على أساس مبادئ وحقوق المواطنة والحق في الشراكة في السلطة والثروة ويستهدف إصلاح هيئات الدولة ومؤسساتها وأنظمتها الإدارية.

كما أوصى التقرير باتخاذ تدابير وسياسات اقتصادية هيكلية مباشرة وغير مباشرة لمكافحة الفقر والبطالة، وتوسيع وتطوير شبكة الأمان الاجتماعي، ووضع استراتيجية تنموية تكفل الحق في مستوى معيشي لائق من مأكل ومشرب ومسكن، وتوجيه وإدارة التنمية نحو بناء اقتصاد ينتج المعرفة والمهارات وتنميتها، وإيجاد استراتيجية وطنية حماية البيئة والحيوان والنبات.

ويكشف التقرير عن عدم المساواة الرأسية من خلال المؤشرات التي تشير إلى أن نسبة فقر الدخل والأمية بين النساء أعلى من الذكور ونصيب الريف هو الأعلى من الفقراء والأميين , وتظهر عدم المساواة الأفقية من خلال التباين الكبير على مستوى المناطق في مستوى الفقر بسبب استئثار مركز الحكم في العاصمة بالثروة مما أدى إلى اختلال كلي في المساواة الأفقية, فأعلى معدلات الفقر الحاد تقع في المحافظات الأبعد سياسيا وجغرافياً عن مركز السلطة:شبوة, المهرة، عدن، تعز، الضالع، وحتى المحافظات الأقرب إلى مركز السلطة، تستحوذ على ما تمنح لها من الثروة نخبة صغيرة، مثل محافظة عمران التي يصل فيها الفقر بين سكان الريف إلى( 71%)، ولنفس السبب نجد معدل البطالة أعلى في المحافظات الأكثر مدنية: عدن، لحج، المهرة، وتعز وحضرموت.

يتكون التقرير من قسمين: القسم الأول: يتضمن دراسة وتحليل للتنمية والفقر البشري، من منظور حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى وجه التحديد: الحق بمستوى معيشي لائق، الحق في العمل، والحق في التعليم، الحق في الرعاية الصحية، الحق في الضمان الاجتماعي، الحق في الثقافة، الحق في موئل سليم، ويشمل الحق في السكن الملائم وما تتصل به  من خدمات اجتماعية كالمياه النقية، الطاقة، المجاري الصحية، المواصلات والاتصالات, والحق في بيئة طبيعية سليمة. أما الجزء الثاني: فيتضمن رصداً لواقع ووقائع انتهاك حقوق الإنسان المدنية والسياسية وخصت بعض الحقوق ببعض من التحليل بسبب الانتهاكات الواسعة التي تعرضت له خلال عام 2008م والمتمثلة بالحق في الحياة والحق في الحرية والأمن الشخصي، الحق في المحاكمة العادلة، الحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى التعرض ببعض من التحليل لمشكلة الأمن والإرهاب، بسبب أن الإرهاب يهدد كافة حقوق الإنسان بما في ذلك الحق في الحياة. وقد ذيل كل فصل من فصول التقرير بالاستخلاصات والاستنتاجات والتوصيات الخاصة به.

وشكر معدّو التقرير كافة الجهات التي تفاعلت وتعاونت معهم في إنجاز وإصدار التقرير، وخصوا بذلك الصندوق الوطني للديمقراطية (NED) الذي لم يتوقف عن تقديم الدعم لإنجاز هذا التقرير بصفة منتظمة منذ أربع سنوات.

 

...