18/10/2016 01:02:22
ترحب المنظمات الموقعة على هذا البيان بالتعديلات الأخيرة على قانون العقوبات المتعلقة بإدراج تعريف دقيق لجريمة الختان ومدِّ حق الإبلاغ حتى عشر سنوات، إلا أنها تشدد على أن آليات تطبيق هذا التعديل لا زالت غائبة وأن التعديل نفسه ما زال يمنح الأطباء والمؤسسات الصحية فرصة عالية للإفلات من العقاب.
أُقر عدد من التعديلات القانونية الأخيرة على مادة قانون العقوبات الخاصة بختان الإناث وذلك بموجب القانون رقم 78 لسنة 2016 والذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 26 سبتمبر 2016. ليصبح نص المادة 242 مكرر من قانون العقوبات كالتالي:
"مع مراعاة حكم المادة 61 من قانون العقوبات، ودون الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن سبع سنوات كل من قام بختان لأنثى بأن أزال أيًّا من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبي.وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة، أو إذا أفضى ذلك الفعل إلى الموت".
كما تم استحداث مادة جديدة برقم 242 مكرر (أ)، نصها كالتالي:
"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه على النحو المنصوص عليه في المادة 242 مكرر من هذا القانون".
اعتمدت أغلب التعديلات على فلسفة تغليظ العقوبات فزادت عقوبة مرتكب الختان الأصلي سواء كان طبيبًا أو عاملًا بالمجال الطبي أو داية أو غيرها من الحبس مدة لا تزيد على سنيتن إلى السجن من خمس سنوات إلى سبع، وهو التوجه السائد في الحكومات المتعاقبة لمواجهة مشكلات العنف الجنسي. وعلى الرغم من أن تغليظ العقوبات في حد ذاته أثبت مرارًا فشله كفلسفة عقابية في الجرائم التي تُرتكب ضد النساء عمومًا، إلا أن تحويل جريمة الختان إلى جناية بدلًا من جنحة سيسمح بمد حق الإبلاغ عن جرائم الختان وتعقب الأطباء المجرمين ليصل إلى عشر سنوات بدلًا من ثلاث، مما قد يعطي الفرصة للفتيات للإبلاغ بأنفسهن بعد وقوع الجريمة بسنوات عندما يصبحن أكثر وعيًا بما مررن به.
وترحب المنظمات الموقعة بالاستجابة إلى مطلبها بإضافة الظرف المشدد في حالات الوفاة والعاهة المستديمة، فغياب هذا التوصيف عن القانون سمح باتهام الأطباء المتسببين في وفاة الفتيات أثناء إجراء الختان لهن بتهمة القتل الخطأ وبالتالي عدم محاسبتهم بقدر جرائمهم.
في الوقت نفسه تعبر المنظمات عن دهشتها من الاحتفاظ بالإشارة إلى المادة 61 في بداية المادة الخاصة بالختان، وعدم حذفها كما أوصت المنظمات الحقوقية والنسوية وكما جاء كذلك في المقترح المقدم من وزارة الصحة، فالاحتفاظ بالإشارة إلى هذه المادة - التي تقر أنه لا عقوبة على من ارتكب جريمة ألجأته إليها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم- يمنح الفاعل الأصلي للجريمة حجة جاهزة للإفلات من العقاب عبر الادعاء بأن إجراء الختان كان لضرورة إنقاذ الفتاة، أو لضرورة طبية وهو ما لا أساس له من الصحة.
تتجلى بعض الإيجابيات في التعديلات الجديدة في إضافة تعريف لختان الإناث، في حين لم يكن بالنص القديم تعريف للختان واكتفى بالإشارة إلى مادتين أخريين بقانون العقوبات وهما 241 و242 الخاصتين بجنحة الضرب. جاء التعريف القانوني الجديد لجريمة الختان وهو إزالة أيٍّ من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو إلحاق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبي- متطابقًا مع التعريف الوارد لمنظمة الصحة العالمية لماهية ممارسة الختان ولكن هذا التعريف تجاهل حقيقة أن مصر تعاني تطبيبًا غير مسبوق لعمليات ختان الإناث - أي زيادة حادة في إجرائها على يد أطباء تحت دعوى أنها مشكلة صحية أو فسيولوجية بحتة- وكان الأَولى بالمشرع أن يضيف الجملة الأخيرة الواردة في تعريف منظمة الصحة العالمية المتاح باللغة الإنجليزية والتي تقول إنه: "لا ضرورة طبية للختان وهو يضر الفتيات والنساء بأشكال مختلفة".1
إن الاحتفاظ بالإشارة إلى المادة 61 مع وجود جملة: "دون ضرورة طبية"، يضيف مهربًا جديدًا للأطباء وغيرهم من مرتكبي هذه الجريمة الذين قد يدَّعون أنهم أجروا عملية الختان بدافع طبي، ذلك على الرغم من التأكد التام أنه لا يوجد سند طبي أو علمي على الإطلاق قد يبرر ختان الإناث.
من هنا، نرى أن تغليظ العقوبات على جريمة الختان هو توجه مرتبك، فهو من ناحية يوحي برغبة في عقاب أشد لمرتكبي الجريمة لكن مع الاحتفاظ بالإشارة إلى المادة 61 وذكر الضرورات الطبية دون استكمال التعريف بما يلائم الظرف المحلي للبلاد يُوحِي برغبة معاكسة في حماية الفاعلين لهذا الجرم.
الملاحظ هو أن هذه التعديلات غاب عنها تمامًا آليات تطبيق واضحة، فلم تطرح التعديلات الجديدة أي سبل لحل إشكالية انعدام الإبلاغ عن حالات الختان، خاصة في ظل زيادة العقوبات على الأهالي الذين سيميلون أكثر إلى عدم الإبلاغ حتى في حالات الوفاة والمضاعفات الخطرة لوجود عقوبات أشد عليهم في هذه الحالات، في المقابل لم تستجب الحكومة لمطالب المنظمات بتوسيع المسئولية القانونية لتشمل القائمين على المستشفيات والمؤسسات الطبية التي تجري بها جرائم الختان إذا ثبت علمهم بوقوع مثل هذه الجرائم ولم يقوموا بالإبلاغ عنها. كما لم يرافق هذه التعديلات حملة مجتمعية للتعريف بالقانون والتغييرات التي لحقت به وتشجيع الناس على تقديم بلاغات عن العيادات التي تُجري الختان.
وترى المنظمات الموقعة أنه يجب أن تكون أولوية الحكومة في مواجهة الختان هي رفع وعي الأهالي للتخلي عن الختان وكذلك زيادة الرقابة والمحاسبة على الممارسين لهذه الجريمة وفي سبيل ذلك تدعو المنظماتُ الحكومةَ إلى:
- ضرورة تبني ميثاق شرف مع نقابة الأطباء لتفعيل دور النقابة في المحاسبة المهنية للأطباء الممارسين لهذه الجريمة.
- عمل برنامج تدريبي مكثف يهدف إلى تفعيل الدور الرقابي لمفتشي الصحة لاكتشاف العيادات والمستشفيات الممارِسة لجريمة الختان والتي لا تَخفى على أغلب القاطنين في هذه المناطق، حتى لا يقتصر دور مفتشي الصحة على اكتشاف حالات الوفاة الناجمة عن الختان ليصبح دورهم وقائيًّا ورقابيًّا أكثر.
- تبني مقاربة حقوقية للحملة القومية المناهضة لختان الإناث تركز في حق النساء والفتيات في المساواة وحثهن على التمتع بحياة جنسية آمنة ومُرضِية.
- إدماج أكبر لمؤسسات المجتمع المدني في تطوير رسائل الحملة القومية وكذلك تطوير آليات لتفعيل القانون.
- تعميم مناهج للتثقيف الجنسي الشامل في المدارس تضم موادَّ تحارب الأشكال المختلفة للعنف الجسدي والجنسي في المجالين الخاص والعام مثل التحرش والاغتصاب والختان والضرب، وتعزز قيم المواطنة والمساواة بين الجنسين وعدم التمييز.
_____________________________ ______________
1-تعريف منظمة الصحة العالمية لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية باللغتين العربية والإنجليزية:
http://www.who.int/topics/ female_genital_mutilation/ar/
http://www.who.int/topics/ female_genital_mutilation/en/
التوقيعات:
-المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
-المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
-الائتلاف المصري لحقوق الطفل - ( عضو مجلس إدارة المنتدى الأفريقى لحقوق ورفاة الطفل )
-مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
-مؤسسة قضايا المرأة المصرية