02/08/2016 23:46:07
ترحب المنظمات الموقعة أدناه بتوجه وزارة الصحة والمجلس القومي للسكان بإجراء تعديلات على المادة المجرِّمة لختان الإناث في قانون العقوبات - مادة 242 مكرر - فالمادة في شكلها الحالي وبعد ثماني سنوات من إصدارها أثبتت عدم جدواها، فنظرًا إلى انعدام معدلات الإبلاغ عن جريمة الختان، ظلت هذه المادة غير مختبرة حتى سنة 2013 عند وصول أول حالة ختان للمحاكم، نظرًا إلى وفاة الفتاة أثناء إجراء الختان، ولكن النتيجة المؤسفة أنه بعد ثماني سنوات من إصدار القانون نجد أن أغلب الأطباء المتورطين في هذه الجرائم يفلتون من العقاب، ومن هنا تؤكد المنظمات على أهمية معالجة أوجه القصور في هذه المادة بشكل يضمن تطبيقها ويخلق الردع المرجو منها.
وتثني المنظمات بشكل خاص على إزالة الإشارة إلى المادة 61 من قانون العقوبات في بداية المادة 242 مكرر في المقترح المقدم من الوزارة إلى البرلمان، فوجود الإشارة إلى هذه المادة التي تعفي مرتكب الجريمة من العقاب في في حال ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم، كانت بمثابة مقوض لمادة تجريم الختان ذاتها ﻷنها توحي بوجود حالات ضرورية قد تضطر الطبيب إلى ارتكاب هذه الجريمة في حين أنه بات من المؤكد عدم وجود أي سند طبي قد يبرر الختان، كما ترحب المنظمات بإدخال تعريف لختان الإناث داخل نص المادة المجرِّمة له.
إلا أن المنظمات الموقعة ترى أن إستراتيجية تعميم نفس العقوبة على كل من شارك في هذه الجريمة قد لا تكون الحل الأمثل في مواجهة ختان الإناث. فوفقًا للمقترح المقدم من الوزارة والذي حصلت عليه المنظمات من المواقع الإخبارية، تُرفع عقوبة جريمة الختان على كل من شارك أو شرع فيها إلى الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، أما في حالات حدوث عاهة مستديمة من جراء الختان فتصبح العقوبة السجن المشدد وتكون العقوبة السجن المؤبد في حال نتج عن الختان وفاة الفتاة أو المرأة. وتؤكد المنظمات أن تعميم العقاب على كل من اشترك في الجريمة سيؤدي من ناحية إلى زيادة التواطؤ بين شركاء الجريمة خوفًا من العقاب، وبالتالي انعدام الإبلاغ عن الجريمة وإفلات الفاعلين الأصليين -الأطباء في معظم الحالات- من العقاب، ومن ناحية أخرى وانطلاقًا من المبدأ القانوني الخاص بتناسب العقاب مع الجريمة، ترى المنظمات أن تعميم العقوبات بهذا الشكل قد يمثل إخلالًا بهذا المبدأ، فمن غير المنطقي أن يعاقب كل من اشترك في جريمة الختان بالسجن المؤبد في حال وفاة الفتاة، فبموجب المقترح المقدم من وزارة الصحة يعاقب والداالفتاة المتوفاة بالسجن المؤبد رغم أنهما ليسا الفاعلين الرئيسيين للجريمة. وإذا ما أخذنا في الاعتبار أننا بصدد جريمة تستند إلى معتقدات وممارسات اجتماعية راسخة وتتطلب جهودًا متكاملة لرفع الوعي بمخاطرها الصحية والنفسية، فمن شأن هذا التعميم أن يتناقض مع الجهود المجتمعية المبذولة في سبيل رفع الوعي والتي تتطلب ثقة المجتمعات المحلية في الأساس.
من هنا ترى المنظمات أن الردع المطلوب لن يتحقق بتغليظ العقوبات، خاصة في ظل استمرار اقتناع نسب كبيرة من المجتمع بضرورة ختان الإناث، إلا أن الردع يمكن تحقيقه إذا تمكنا من كسر حلقة التواطؤ بين الآباء من ناحية والأطباء وممارسي الختان من ناحية أخرى، ولن يتأتى ذلك إلا إذا تيقن الأهالي أن بإمكانهم الإبلاغ عن الجريمة، خاصة في حالات الوفاة أو المضاعفات الطبية دون الخوف من أن يُزَج بهم في السجن، وعليه تنادي المنظمات الموقعة بإدخال تعديل على المادة المجرِّمة للختان يسمح بإعفاء الأهالي أو شركاء الجريمة - عدا الفاعل الأصلي- من العقاب في حالات الإبلاغ عن الجريمة أو الإدلاء بمعلومات مفيدة في الكشف عن الجريمة أو فاعلها الأصلي.
كما ترى المنظمات الموقعة أنه وفي ظل مشكلة تطبيب الختان التي تواجهها مصر - أي زيادة عدد العمليات التي تتم على يد الاطباء - يصبح من الأجدى أن تمتد دائرة المسئولية لتشمل حسابًا أشد للقائمين على المؤسسات الطبية التي تتم فيها مثل هذه الجرائم إذا ثبت علم مديري هذه الأماكن بحدوث هذه الجرائم داخل المستشفيات أو المؤسسات الطبية المسئولين عن إدارتها ولم يبادروا إلى وقفها أو الإبلاغ عنها. وتؤكد المنظمات أن هذه الخطوة ستسهم في زيادة الرقابة الذاتية داخل المستشفيات.
وتؤكد المنظمات على أنه من الضروري إطالة الأمد المتاح للمقاضاة قبل انقضاء الدعوى الجنائية لجريمة الختان، فالفتيات المجني عليهن قاصرات وغالبا ما يكن تحت سيطرة وضغط أسرهن وقت وقوع الجريمة وغير عالمات بحقوقهن القانونية في الإبلاغ، لذا فمن الضروري إعطاء الفرصة في وقت لاحق للإبلاغ ومقاضاة الأطباء الجناة، وترى المنظمات أن مدة الثلاث سنوات المنصوص عليها في القانون المتعلقة بانقضاء الدعوى في الجنح غير كافية، وتقترح المنظمات إطالة أمد حق الفتيات في الإبلاغ لأن ذلك من شانه تحقيق ردع أكبر للأطباء الممارسين لتلك الجريمة وكذلك حق الفتيات في الإنصاف القانوني.
في النهاية، تؤكد المنظمات أن المقاومة الحقيقية للختان لن تتحقق بالقانون وحده، بل من خلال تغيير قناعات المجتمع حول أهمية وضرورة الختان، من خلال تعزيز حقوق النساء في الصحة والحياة وكذلك حقوقهن الإنجابية والجنسية.
إجمالًا تقترح المنظمات الموقعة الآتي:
1- إضافة مادة جديدة تحت رقم 242 مكرر أ يكون نصها كالتالي:
"يعفى من العقوبات المقررة للجريمة المنصوص عليها في المادة 242مكرر كل من بادر من الشركاء في الجريمة غير الفاعل الأصلي بإبلاغ السلطات المختصة أو أدلى بمعلومات مفيدة في الكشف عن الجريمة وفاعلها الأصلي وباقي الشركاء أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة".
2- يصبح نص المادة 242 مكرر، كالتالي:
"مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنيتن ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه كل من قام بجرح أو قطع أو استأصل جزءًا أو كل الأعضاء التناسلية الخارجية لأنثى بغرض إجراء ختان الإناث.
وإذا ما ترتب على الجريمة المنصوص عليها في الفقرة السابقة وفاة المجني عليه تكون العقوبة السجن المشدد، وتكون العقوبة السجن إذا ما ترتب على الجريمة حدوث عاهة مستديمة".
3- إضافة مادة جديدة إلى قانون العقوبات تحمل رقم 242 مكرر (ب) يكون نصها كالتالي:
"يعاقب بذات العقوبة المقررة في المادة 242 مكرر مدير المستشفى أو المؤسسة الطبية أو المسئول الفعلي عنها، متى ثبت علمه بارتكاب الجريمة في المؤسسة التي تخضع لإدارته ولم يبادر إلى منع الجريمة أو الإبلاغ عنها إلى السلطات المختصة".
كما ترحب المنظمات بمناقشة هذه التعديلات المقترحة مع وزارة الصحة والمجلس القومي للسكان والبرلمان إيمانًا منها بأهمية دور المجتمع المدني ومشاركته في التعديلات التشريعية وآليات تنفيذها.
الموقعون:
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون
مؤسسة المرأة الجديدة
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
مؤسسة قضايا المرأة المصرية
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف
مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي
مركز هشام مبارك للقانون